إستراتيجية مواجهة ما تُسمى صفقة القرن

إستراتيجية مواجهة ما تُسمى صفقة القرن

  • إستراتيجية مواجهة ما تُسمى صفقة القرن

اخرى قبل 4 سنة

إستراتيجية مواجهة ما تُسمى صفقة القرن

د. محمد عبد الفتاح شتيه

أستاذ القانون الجنائي والدولي ـــ جامعة الاستقلال

بعد خطاب الرئيسي الامريكي دونالد ترامب واعلانه عن ما يسمى بصفقة القرن وتأكيد رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو ما جاء فيها، والظهور بمظهر الشجاع الذي أضطر القبول لما جاء فيها قربانا للسلام الذي يدعيه، أعلنت القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني رفض تلك الصفقة جملة وتفصيلا، حيث بدأت المظاهرات السلمية الغاضبة تتفجر في كافة محافظات الوطن، في مواجهة مباشرة مع جنود الإحتلال المزروعين على طول جدار الفصل العنصري الذي يمزق فلسطين اربا، ويقفون حراسا وبأيديهم مفاتيح بوابات محافظات الوطن التي أصبحت كل منها سجنا يتسع لمئات الآلاف من السكان المدنيين، كذلك تعالت الأصوات المطالبة بسرعة رأب الصدع في البيت الفلسطيني وتوحيد شطري الوطن، لمواجهة الصفقة بجبهة داخلية موحدة، كما بدأت الحكومة الفلسطينية بإجراءات المقاطعة الاقتصادية للاحتلال، وتحركت القيادة نحو البيت العربي واستصدرت قرار يرفض الصفقة.

لا ينكر أحد اهمية تلك التحركات والاجراءات على المستويين الشعبي والرسمي ودورها في رفض الاحتلال وتصرفاته المخالفة للقانون الدولي ولفت انتباه العالم إلى حالة الإخلال بالسلم والأمن الدوليين في الأراضي الفلسطينية المحتلة نتيجة الاحتلال الاسرائيلي، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل لهذه التحركات السلمية لجم إسرائيل عن المضي قدما في مخططها القائم على انهاء حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصر واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف؟! بل قتلها المتعمد للأبرياء بعد الإعلان عن ما يُسمى بصفقة القرن، وكأنها تبلغ العالم بخطوط عريضة الصفقة ستمر ولو على جماجم الفلسطينيين! فكيف لا وإسرائيل قامت على أشلاء الاطفال الفلسطينيين وذبح قرى فلسطينية بأكملها دون أن يحرك العالم ساكنا، فما الذي سيمنعها الآن من القيام باستكمال مخططها الاستيطاني الاحلالي في ظل معادلة القطب الواحد في النظام الدولي المعاصر؟!!

لن أتكلم عن المصالحة واهميتها فالجميع سبقني إلى هذا الطرح، لكن سأبدأ من قرارات الشرعية الدولية واحكام القانون الدولي التي اعطت الشعوب المحتلة الحق في المقاومة بكافة أشكالها بما فيها الكفاح المسلح، فأصبح لزاما على القيادة الفلسطينية تغيير استراتيجيتها في مواجهة الاحتلال، والحديث على منبر الأمم المتحدة وأمام العالم عن حق الشعب الفلسطيني في الكفاح المسلح، فهناك فرق واضح ما بين الإرهاب كجريمة منظمة وما بين حق الشعوب المحتلة في الكفاح المسلح والدفاع عن نفسها، فمن خلال استقراء تاريخ الشعوب المحتلة لن نجد إحتلال تقهقر من الأرض المحتلة بالدبلوماسية والمقاومة السلمية وحدها!

اما على المستوى الإقليمي فقد سئمنا قرارات جامعة الدول العربية المتتالية منذ نشأة الجامعة، والتي ترفض الاحتلال والعدوان على الشعب الفلسطيني، فياحبذا لو نعود إلى جامعة الدول العربية لإستصدار قرار واحد يتضمن اجراءات عملية في رفض الاحتلال وما تسمى صفقة القرن، إذ يمكن لجامعة الدول العربية اذا كانت النوايا حقيقية لدى اشقائنا العرب بدعم حقنا في تقرير المصير؛ اصدار قرار مُلزم لأعضائها ومنسجم مع أحكام القانون الدولي بالمقاطعة الدبلوماسية والاقتصادية لإسرائيل، وذلك بطرد سفراء اسرائيل من الدول العربية المعترفة بإسرائيل وسحب السفراء العرب من اسرائيل، ووقف التعاملات الاقتصادية مع إسرائيل، واغلاق المجال الجوي والبحري العربي أمام الطائرات المدنية والسفن التجارية الإسرائيلية، مما يعزل اسرائيل ويكبدها خسائر باهضه، أما مجرد قرارات الرفض فلن تجدي نفعا امام تبجح نتنياهو بالعلاقة الجيدة مع الدول العربية سرا وعلنا.

وعلى المستوى الدولي يجدر بالدبلوماسية الفلسطينية استثمار الاجماع الدولي الرافض لإعلان ترامب لاستصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت بند متحدون من أجل السلام في ظل عدم قيام مجلس الأمن بواجبه الرئيسي في حفظ السلم والأمن الدوليين لإتخاذ اجراءات عملية للمساعدة في إجهاض ما تسمى صفقة القرن وانهاء الاحتلال

التعليقات على خبر: إستراتيجية مواجهة ما تُسمى صفقة القرن

حمل التطبيق الأن